«واشنطن بوست»: تجنب إضراب عمال الموانئ أنقذ أمريكا من خسائر بالمليارات
«واشنطن بوست»: تجنب إضراب عمال الموانئ أنقذ أمريكا من خسائر بالمليارات
توصلت نقابة عمال الموانئ في الولايات المتحدة ومشغلي محطات الموانئ، إلى اتفاق مبدئي حال دون حدوث إضراب ضخم كان من الممكن أن يؤدي إلى إغلاق جميع الموانئ الرئيسية على السواحل الشرقية والخليجية للولايات المتحدة، قبل أيام من تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، وهو ما كان سيكلف الاقتصاد الأمريكي مئات الملايين من الدولارات يومياً. بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
وقالت الصحيفة الأمريكية، في تقرير نشرته اليوم الخميس: “نجح مشغلو محطات الموانئ ونقابة العمال في التوصل إلى اتفاق مبدئي يوم الأربعاء الماضي، وهو ما أسهم في تجنب الإضراب الذي كان يهدد بإغلاق الموانئ الكبرى على السواحل الشرقية والخليجية في الأسبوع المقبل”.
وأوضحت أنه على الرغم من أن الاتفاق لا يزال بحاجة إلى موافقة أعضاء النقابة، فإنه يتضمن مجموعة من التدابير التي تشمل توفير حماية جديدة للعمال ضد الأتمتة التكنولوجية التي قد تحل محل بعض الوظائف، بالإضافة إلى زيادات كبيرة في الأجور.
ووصفت نقابة العمال الدولية في الموانئ والتحالف البحري الأمريكي هذا الاتفاق بأنه "رابح للجميع"، مؤكدة في بيان مشترك أن الاتفاق يحمي الوظائف الحالية في النقابة، ويوفر إطاراً لتنفيذ تقنيات حديثة تهدف إلى زيادة الوظائف وتحسين الأمان والكفاءة في موانئ السواحل الشرقية والخليجية، كما ستسهم هذه التقنيات في تعزيز قدرة الموانئ على دعم سلاسل الإمداد الأمريكية.
تهديدات اقتصادية
وفقا للتقرير، كان من الممكن أن يترتب على الإضراب الذي كان سيحدث في حال عدم التوصل إلى اتفاق قبل 15 يناير تعطيل جميع الموانئ الرئيسية من ولاية مين في الشمال الشرقي إلى ولاية تكساس في الجنوب.
وبحسب تقديرات بعض الخبراء، كان هذا الإضراب سيتسبب في خسائر اقتصادية ضخمة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات يومياً، وقد جددت الأطراف المفاوضات هذا الأسبوع بعد انقطاع دام منذ نوفمبر، حيث كانت الخلافات تدور حول استخدام التكنولوجيا الآلية، التي كانت النقابة تخشى أن تؤدي إلى فقدان وظائف العمال.
التكنولوجيا الحديثة والأجور
يتضمن الاتفاق المبدئي تسوية تسمح للموانئ بتنفيذ تقنيات حديثة لتحسين كفاءة محطات الشحن، بشرط أن يتم خلق وظائف جديدة إلى جانب هذه التقنيات.
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات مكثفة بين الطرفين، حيث ظل استخدام التكنولوجيا الآلية محظورًا في العقد الجديد.
وحصلت النقابة على زيادات في الأجور تصل إلى 62% على مدار ست سنوات، ما يعادل زيادة قدرها 24 دولارًا في الساعة بالنسبة للحد الأعلى للأجور في هذا القطاع.
مخاوف من تأثير الأتمتة
كانت النقابة قد طالبت باتفاق يضمن عدم استخدام التقنيات الآلية أو شبه الآلية بشكل كامل، مثل الرافعات المتنقلة التي تعتمد على الحد الأدنى من العمل البشري في تحميل الحاويات.
وكانت المخاوف الرئيسية تكمن في أن استخدام هذه التقنيات قد يؤدي إلى تقليص فرص العمل، مما يهدد استدامة الوظائف في القطاع.
وأكد نائب الرئيس التنفيذي للنقابة، دينيس داجيت، أن التحرك نحو الرافعات شبه الآلية كان يهدف إلى القضاء على الوظائف، مستنكراً استخدام التكنولوجيا كذريعة للتقليص من العمالة وتحقيق أرباح إضافية على حساب الوظائف المستدامة.
استعدادات اقتصادية للشركات
في ظل التهديدات بالإضراب، بدأت الشركات الكبرى، بما في ذلك المستوردون وشركات اللوجستيات، في اتخاذ إجراءات وقائية على مدار الأشهر الماضية، حيث قامت بتخزين السلع وإعادة توجيه الشحنات إلى الموانئ على السواحل الغربية التي يختلف تمثيل العمال النقابي فيها.
وأكد نائب رئيس السياسة في الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، جوناثان جولد، أن العديد من استراتيجيات التخفيف التي اعتمدها تجار التجزئة قد استمرت حتى اليوم.
وأشار إلى أن الشركات حاولت جلب بعض المنتجات في وقت مبكر وتوجيه الشحنات إلى السواحل الغربية قدر الإمكان.
التأثيرات الاقتصادية للإضراب
كان من المتوقع أن يؤدي إضراب طويل إلى نقص في بعض القطاعات الحيوية، مثل البيع بالتجزئة والإلكترونيات وصناعة السيارات والزراعة، وكان من الممكن أن يؤدي هذا النقص إلى زيادة الأسعار، مما كان سيعقد جهود الاحتياطي الفيدرالي للحد من التضخم.
وأشار تحليل أجرته "مؤتمر مجلس الإدارة" إلى أن إضرابًا لمدة أسبوع كان سيكلف الاقتصاد الأمريكي نحو 3.78 مليار دولار.
وأعرب العديد من التجار المحليين عن ارتياحهم بعد تجنب الإضراب، من بينهم مارك شيرمان، صاحب متجر عام ومتجر ملابس نسائية في مدينة ستو بولاية فيرمونت، الذي قال إنه كان يتابع الوضع عن كثب.
وأوضح أن الإضراب كان سيؤدي إلى نقص في المخزون وكان سيضطره للبحث عن موردين جدد للسلع المستوردة، مما كان سيزيد التكاليف ويؤدي إلى رفع الأسعار على المستهلكين.
حالة من الارتياح
وأضاف شيرمان، قائلاً: "كانت ستزيد التكاليف بالنسبة لنا، ولكننا الآن في حالة من الارتياح لأننا لا نضطر للتفكير في هذه المشكلة".
نجح التوصل إلى هذا الاتفاق في تجنب كارثة اقتصادية كان من الممكن أن تؤثر بشكل كبير على الأسواق الأمريكية وعلى سلاسل الإمداد العالمية.
وحافظ الاتفاق على حقوق العمال وحماها، مما يبرز أهمية المفاوضات الجماعية في تحقيق التوازن بين متطلبات التكنولوجيا الحديثة وحماية فرص العمل المستدامة.